سورة الأعراف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله تعالى: {ما منعك ألا تسجد} {ما} استفهام: ومعناها: الإنكار. قال الكسائي: لا هاهنا زائدة. والمعنى: ما منعك أن تسجد؟ وقال الزجاج: موضع ما رفع. والمعنى: أي شيء منعك من السجود؟ ولا زائدة مؤكدة؛ ومثله: {لئلا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29] قال ابن قتيبة: وقد تزاد لا في الكلام. والمعنى: طرحُها لإباءٍ في الكلام، أو جحد، كهذه الآية. وإنما زاد لا لأنه لم يسجد. ومثله: {أنها إذا جاءت لا يؤمنون} [الأنعام: 109] على قراءة من فتح أنها، فزاد لا لأنهم لم يؤمنوا؛ ومثله: {وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون} [الأنبياء: 95] وقال الفراء: لا هاهنا جحد محض، وليست بزائدة، والمنع راجع إلى تأويل القول، والتأويل: من قال لك لا تسجد؛ فأحل المنع محل القول، ودخلت بعده أن ليدل على تأويل القول الذي لم يتصرح لفظه. وقال ابن جرير: في الكلام محذوف، تقديره: ما منعك من السجود، فأحوجك أن لا تسجد؟ قال الزجاج: وسؤال الله تعالى لإبليس {ما منعك} توبيخ له، وليُظهر أنه معاند، ولذلك لم يتب، وأتى بشيء في معنى الجواب، ولفظه غير الجواب، لأن قوله: {أنا خير منه} إنما هو جواب، أيكما خير؟ ولكن المعنى: منعني من السجود فضلي عليه. ومثله قولك للرجل: كيف كنت؟ فيقول: أنا صالح؛ وإنما الجواب: كنت صالحا، فيجيب بما يُحتاج إليه وزيادة. قال العلماء: وقع الخطأ من إبليس حين قاس مع وجود النص، وخفي عليه فضل الطين على النار؛ وفضله من وجوه.
أحدها: أن من طبع النار الطيش والالتهاب والعجلة، ومن طبع الطين الهدوء والرزانة.
والثاني: أن الطين سبب الإِنبات والإِيجاد، والنار سبب الإعدام والإهلاك.
والثالث: أن الطين سبب جمع الأشياء، والنار سبب تفريقها.


قوله تعالى: {فاهبط منها} في هاء الكناية قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى السماء، لأنه كان فيها، قاله الحسن.
والثاني: إلى الجنة، قاله السدي.
قوله تعالى: {فما يكون لك أن تتكبر فيها} إن قيل: فهل لأحد أن يتكبر في غيرها؟ فالجواب: أن المعنى: ما للمتكبر أن يكون فيها، وإنما المتكبر في غيرها. وأما الصاغر، فهو الذليل. والصغار: الذل. قال الزجاج: استكبر إبليس بابائه السجود، فأعلمه الله أنه صاغر بذلك.


قوله تعالى: {قال أنظرني} أي أمهلني وأخرني {إلى يوم يبعثون}، فأراد أن يعبر قنطرة الموت؛ وسأل الخلود، فلم يجبه إلى ذلك، وأنظره إلى النفخة الأولى حين يموت الخلق كلهم. وقد بين مدة إمهاله في الحجر بقوله: {إلى يوم الوقت المعلوم} [الحجر: 38] وفي ما سأل الإمهال له قولان:
أحدهما: الموت. والثاني: العقوبة. فان قيل: كيف قيل له: {إنك من المنظرين} وليس أحد أُنظِر سواه؟ فالجواب: أن الذين تقوم عليهم الساعة منظرون إلى ذلك الوقت بآجالهم، فهو منهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8